إلى قُبحِ محياي وفَيضِ عتمَتِي .

سلامٌ على الذين اتّخذوا من الوحل عرشًا، ومن التيهِ منهجًا،وسلامٌ على من وهبوا النور ظهورهم، وسَجدوا للظلّ كأنه خلاصُهم الأبدي، سلامٌ، من طرفٍ باردٍ كسكينٍ صقيل، على ملامحك الساقطة مِن علوّ الوهم، يا من أغويتَ نفسك فهَوَت، وسلامٌ على وجهك الملطّخ بالخزي، يا من ظننتَ أنّ السقوط مجدٌ، وأنّ السير إلى الهاوية بطولة.

.

أمـا بـعد ...

يا نَسخةً باهتةً من الإدراك، يا نُطفةً سَقَطت مِن رحم الوعي فأُصيبت بتشوّهٍ وجودي، يا ذاتي المتقوقعة في جُبّ الغواية، يا كتلة من التيه مغطّاةٍ بغبار التمنّي، يا جثةً تمشي على ساقيها وتدّعي الحياة، أخبرني: كيف تحملتَ هذا الكمّ من الحماقة دون أن تنفجر؟ كيف احتملتَ أن تكون نكرةً بين الجموع، صامتًا بين الحروف، تافهًا بين القضايا؟ يا هزيمةً تمشي على قدمين، تتنفس الغفلة وتقتات على الحماقة، يا ظلاً باهتًا لِكائنٍ لم يكتمل، لكَ مني هذا اللوم النابض بالاحتقار، وهذا العتب المشبع بصفعات الفكر.

ما أقبحَك حين كنتَ تُكابر، وتدّعي أن الظلام سكينة، وأن الضياع تجربة، وأن الانكسار فلسفة، ما أغبَاك حين سُقتَ خطاكَ إلى حُفرٍ حُفرت لك، وكنتَ تَحفرها بيديك، وتَمدّ لخصومكَ ظهرك، وتُهديهم مفاتيح روحك، ثم تَبكي كأنك المظلوم !

أيُّ ملامحٍ لك تُغري بالعطف؟ وأيّ هامةٍ لك تستحقُّ الاحترام؟! كنتَ لا تُبصِر إلا حين يُغشيك العَمى، ولا تَسمع إلا حين يَصمُّكَ الضجيج، فلا فِكرٌ تَبلور، ولا قلبٌ تَطهّر، ولا مسعى سُمّي هدفًا، بل كنتَ تَركض ككلبٍ طريدٍ خلف رغباتٍ خاسرة، وكنتَ تَحسبها جنّاتٍ من إدراك ، لقد شربتَ من كأس الغرور حتى ثملت، وقلتَ أن في داخلك طوفان، وما كان فيك سوى مستنقع راكد، تعشش فيه الحشرات وتفرّ منه الطيور. كنتَ لي غِلاً ثقيلاً، عباءةً من نارٍ لا تُدفئ، بل تحرق الجلد وتفضح الندب.

تُراني أظلمك؟ لا، بل أُنصِفُك. فأنتَ من ظَلم نفسَه حين خُيِّر بين الرفعة والسقوط، فاختار الغَيّ، وغرّك أنصافُ العقول ممن شبهوك. صُحباؤك كانوا سُفَهاء، وأنّى لكَ أن تكون غير سفيهٍ بين السفلة؟ لقد لبستَ العبث كجُبّة، وتَوشّحتَ الهزل كأنه تاج، ومشيتَ تَتبختر على رماد أحلامٍ ما نبتتْ يومًا فيك.

خـتامًا ..

وإنّي أذكُرك الآن، لا حنينًا، بل احتقارًا، لا شوقًا، بل درسًا. لقد كنتَ خنجرًا مزروعًا في خاصرتي، ينزفني كلّما ابتسمت. كنتَ لعنةً تُعيدني إلى نقطة الصفر كلما هممتُ بالارتقاء. ومع ذلك... ها أنا أكتب لك، لا لأُرضيك، بل لأُشيّعك إلى مثواك الأخير في ذاكرةٍ لن تُفتح ثانيةً، ما كنتَ إلا عثرةً في طريقي، وما كنتُ أراك إلا حجرًا أركله حين أستقيم، وما غفرتُ لك إلا حين اكتشفتُ أنني كنتُ أنت، وأنني حملتُك يومًا في صدري دون وعي، وسمّيتُكَ "أنا".

#AOK

#Wr_Suzaku

#suzaku_ko

#suzaku_ko2