في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميكانيكية والنبض الخافت للأضواء المتوهجة، كان الدكتور هيثم الغزّي جالسًا في مختبره المحكم الإغلاق، عاكفًا على إحدى تجاربه المعقدة، الجدران المعدنية الباردة تعكس ضوء المصابيح النيونية، مما يضفي على المكان هالة من العزلة الموحشة، ارتدى معطفه الأبيض الناصع، وعلّق نظارته فوق أنفه، بينما احتضنت يداه كوب الشاي المعتاد الذي كان رفيقه في ساعات التأمل المضنية، عكست عيناه المرهقتان بريق الذكاء الممزوج بالإرهاق، إذ كان مستغرقًا في أفكاره، غير مدرك أن هذه الليلة ستكون آخر لحظاته في الحياة.
![انسياب كيميائي، وتحلل صامت.-[C]في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميك](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.vertvonline.info%2F9340%2F8141c5ea8e61a3a46e151278f0160dd99c943314r1-1000-761v2_hq.jpg)
عندما حلّ الصباح، دوت صرخة مروعة من داخل المختبر، فامتزجت في الهواء رائحة الخوف مع برودة المكان، اندفع الفريق الأمني إلى الداخل بعد أن تمكنوا من فتح الباب المجهّز بنظام القفل البيومتري، المشهد كان أشبه بكابوس مجنون؛ جسد الدكتور هيثم ملقى على الأرض، لكن بنصفه السفلي فقط ! ، الجزء العلوي اختفى تمامًا، وكأنه تبخّر من الوجود، بينما بقي النصف السفلي سليمًا بلا خدش، وملابسه موضوعة بشكل طبيعي كما لو أن شيئًا لم يحدث ! ظلت النظارات مكسورة على الأرض، تتأرجح عدساتها في وهج الضوء البارد عاكسة سقف المختبر البائس .
في الحال، بدأ المحقق علاء فحص الغرفة، كان قلبه ينبض بشدة، فهو لم يواجه في حياته جريمة بهذا الغموض، لا أثر لكسر، لا بقع، لا حمض، لا أي دليل على دخول شخص آخر فـ أنظمة الأمان أكدت أن الدكتور الغزّي كان الوحيد الذي دخل المختبر في الليلة السابقة ولم يخرج منه أحد، الجريمة بدت كما لو أن قوى ماورائية تلاعبت بفيزياء الكون نفسه.
![انسياب كيميائي، وتحلل صامت.-[C]في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميك](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.vertvonline.info%2F9340%2F75e0a34b70be16d7a692b67668d6638221684bdcr1-1000-620v2_hq.jpg)
تفحّص المحقق الكوب الذي كان على طاولة الضحية ،لا رائحة غريبة، لا تغير في اللون، كل شيء يبدو طبيعيًا، حتى الأجهزة الكيميائية لم تُظهر أي بقايا حمضية، وكأن الجريمة لم تترك أي بصمة مادية خلفها، تجول في المختبر بعينين حادتين، يحاول التقاط أي خيط يقوده إلى الحقيقة، لكن الصمت كان سيد المكان، والفراغ المهيب يلتهم الإجابات.
يصادف أن علاء لم يكن رجلاً يستسلم للألغاز المستحيلة، بدأ يعيد بناء الأحداث، وراجع تقارير الضحية، وجد أن الدكتور هيثم كان يعمل على مشروع سري متعلق بالتآكل الكيميائي الحيوي، نظرية جديدة كان يطورها تتعلق بمادة ذات قدرة على تحلل الأنسجة البشرية بآلية ذاتية، دون أن تترك أثرًا وراءها.
في لحظة إلهام، التفت المحقق إلى تقارير المواد التي تعامل معها الدكتور الغزّي. اكتشف أن هناك مادتين كيميائيتين تم إدخالهما إلى المختبر خلال الأسبوع الماضي، وكل منهما غير خطرة بمفردها، لكن ما إذا تم دمجهما؟ هذا هو السؤال المصيري !
بدأت الصورة تتضح شيئًا فشيئًا، شخص ما كان يعرف هذا السر، حيث دَسّ القاتل المكون الأول في هواء المختبر، مستغلًا أن الضحية لن يلاحظه، إذ أن المادة غير ضارة بمفردها، ثم، دسّ المكون الثاني في كوب الشاي الذي كان يشربه الدكتور دائمًا أثناء عمله، ربما شعر الضحية بضغط غريب في صدره للحظات، أو بحرارة غير مفهومة تتصاعد من الداخل، لكن الوقت لم يسعفه لإدراك المصيدة التي نُصبت له.
بمجرد أن دخل المكون الثاني إلى مجرى دم الضحية، بدأ التفاعل العكسي، حيث تحلّلت أنسجته ببطء، من الداخل إلى الخارج. لم يكن هناك أي حمض، فقط تفاعل كيميائي صامت، أذاب جسده العلوي تمامًا، بينما انهارت بقايا المادة بعد انتهاء تأثيرها، مما جعل أي تحليل كيميائي لاحق عديم الفائدة.
لكن من الذي يمتلك هذه المعرفة؟ ومن له الدافع؟
استعرض المحقق قائمة الأسماء المرتبطة بالمشروع وكان هناك شخص واحد لديه كل الدوافع لارتكاب الجريمة: الدكتور ناجي، زميل الغزّي القديم، قبل أشهر، طُرد من المشروع بسبب خلاف حاد حول أخلاقيات البحث. هل يمكن أن يكون هذا انتقامًا؟
![انسياب كيميائي، وتحلل صامت.-[C]في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميك](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.vertvonline.info%2F9340%2F98f1c12acbbd390412a52e3a85455a3d8c8ecdf9r1-1000-541v2_hq.jpg)
تم استدعاء الدكتور ناجي، وأمام الأدلة التي جمعها علاء، انهار معترفًا. كان يعلم أن هيثم هو الوحيد القادر على تطوير هذه المادة، وكان يخشى أن يصل إلى نتائج تجعل العالم يعيد التفكير في القوانين الطبيعية. أراد التخلص منه، لكن بجريمة تبدو مستحيلة.
وهكذا، أُغلقت القضية، لكن الغموض ظل يخيّم على المختبر. بقيت رائحة الكيماويات في الهواء وكأنها ذكرى صامتة لما حدث، وبقيت هذه الجريمة واحدة من أغرب الجرائم في التاريخ، حيث اختفى جسدٌ دون أثر، وترك خلفه سؤالاً سيظل يحير العلماء لعقود: "كيف يمكن لحمضٍ ألا يكون؟"
![انسياب كيميائي، وتحلل صامت.-[C]في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميك](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.vertvonline.info%2F9340%2F7a97fc243e01964a39faa67186a157f0e96de19cr1-735-884v2_hq.jpg)
![انسياب كيميائي، وتحلل صامت.-[C]في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميك](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.vertvonline.info%2F9340%2Ff0cce1478136ee8dd855b0606f5a88763de62e08r1-184-196v2_hq.jpg)
![انسياب كيميائي، وتحلل صامت.-[C]في أعماق المركز البحثي المتقدم، تتسابق الدقائق تليها الساعات، لا يُسمع سوى همسات الأجهزة الميك](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.vertvonline.info%2F9340%2F1d72391f6b8eb5de9f202b78dbc6a5a84d95f65er1-112-113v2_hq.jpg)
Comments (3)
http://aminoapps.vertvonline.info/p/d0f0zs4
⋆ ࣪. يؤسفني حقاً إبلاغك بهذا ⋆ ࣪. لكن سيتوجب علي أن أبلغك برفض عملك ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. اقرأ التقييم بالكامل قبل تقديم اعتراضك ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. تقييم اللجنة لتطويركم للأفضل لا للاساءة لكم وكتاباتكم ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. نتمنى حقاً رؤية أعمالك المقبلة مع أخذ التقييم بالاعتبار ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. العنوان ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. انسياب كيميائي، وتحلل صامت 𝆺𝅥
⋆ ࣪. لم يكن العنوان مكرراً إذ لم يسبق تواجد مثيل له ⋆ ࣪. لكن إن ركزت في كل من الكلمات والمعنى ، قد كانت الكلمات اعتيادية، وكان المعنى اعتيادي لا يحمل أي لغز خلفه أو إبهار أو عمق أو تجدد، وهذا ما يجعل العنوان غير مبتكر ⋆ ࣪. إرتبط العنوان بالقصة ارتباط وثيق ⋆ ࣪. لكنه كان كاشف تماماً للأحداث، إذ حتى إن لم تركز فيه كلمة " انسياب كيميائي " ستعني أن ماحدث بسبب مادة كيميائية بمجرد أن تعلم انه مات ، وكلمة " تحلل صامت " تفضح حدثين رئيسيين في القصة، أولهم حدث سأعلمه قبل أن اكمل بداية القصة حتى وهي أنه سيتحلل بصمت، وإن لم يفضح هذا فيأتي الحدث الثاني وهو نهاية الفقرة البدائية للقصة، موت الطبيب، عرفت فور أن قيل أن جسده العلوي غير متواجد أنه تحلل بفضل العنوان فلم يكن هنالك لغز بالنسبة لي كقارئ ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. الفكرة ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. تراوحت الفكرة بين التكرار وعدمه ⋆ ࣪. ولم تكن مبتكرة ⋆ ࣪. كما أنها لم تحتوي على عبرة فيها ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. البناء الفني ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. كان الوصف جيداً في بداية القصة ودقيقاً، لكن بمجرد أن بدأت الأحداث الحقيقة لاحظت ضعف في الوصف، سواء وصف الاحداث بشكل جيد الذي كان متسارع، ووصف المكان والأفعال، كما قد كان الوصف الشكلي منعدم منذ البداية ⋆ ࣪. كان السرد سلس ولم يحوي أي ركاكة ⋆ ࣪. أما الحبكة فقد كانت ضعيفة، كانت منطقية لكنها متسرعة، لم تتح للكاتب الشعور بأي غموض وتوتر في سير الأحداث ⋆ ࣪. الأحداث كذلك كانت متسرعة، إذ فور بدء القصة أبلغتنا الكاتبة بأنه سيموت، دون أن يفعل شيء يجعلنا نتعرف على شخصيته أو نشعر بالتمهيد البدائي ⋆ ࣪. ثاني شيء التحقيق، تسرع الكاتب في محاولة انهاء القصة لدرجة أن لحظة التطور الممهدة لاكتشاف المحقق للحقيقة كانت غير مفهومة كما أيضاً هنالك الحدث الذي يلي اكتشافه لطريقة القتل، لم تتباطئ الاحداث حتى نرى كيف تم البحث بين الاطباء، كيف علم ان هذا هو الطبيب المجرم وانما ذكرت الكاتبة ذلك بسرعة ثم قالت انه انهار معترفاً ⋆ ࣪. كما أن هنالك حدث ليس متسرع فقط وانما يترك تسائل غير محلول، ماذا تعني بيجعل العالم يعيد النظر بقوانين الطبيعة، لماذا لم يرد المجرم أن يحدث ذلك، إذ تم انهاء القصة قبل شرح كل ذلك ⋆ ࣪. انعدمت الحوارات في القصة، لكنني أرى أن اضافة بضع حوارات كان ليسند الاحداث المتسرعة ويقلل من ضعفها، لكن بالطبع هذا رأيي الخاص ولا علاقة له بالتقييم ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. الخاتمة ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. كانت الخاتمة متسرعة ⋆ ࣪. كانت تحتوي على جزء ضئيل من التوقع ⋆ ࣪. كانت ذات بناء ضعيف ⋆ ࣪. ارتبطت بالقصة ⋆ ࣪. لم تحتوي على أي ابتكار ⋆ ࣪. كما أنها لم تحتوي على عبرة ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. السلامة اللغوية ⋆ ࣪.
⋆ ࣪. وضعت علامات الترقيم في مكانها الصحيح ⋆ ࣪. لم يحتوي نصك على ركاكة ⋆ ࣪. إملائك كان جميل وجيد ⋆ ࣪.
بوركت جهودك