✧⸼࣪مُسْتَقْبَلٌ مَجْهُولٌ|—馪حِـيْـنٌ صَـارَ الحُـلْمُ شِـيْـفْـرَةٌ.𐦍ׁׁ

⏜         ︵    ៲ ׅ   ׄ𝗪𝗲𝗹cׅ𝗼𝗺͟𝗲ׄ͟ ៶ ❊ׅ     ⏜         ︵

╴     𝗬𝗼ׅ𝘂    ≀ ׄ   ๓    ׅ 𝗛𝗮͟͞𝘃͟͞𝗲   ܃   𝗮ׄ͟ ͟ ͟៲͟ ׅ     ✶ ׄ ˒

⏛         ˓    𝐊𝗶𝗻ׅ𝗱 ׄ    𖤑    ܃ 𝐇𝗲͟͞𝗮ׄ͟͞r𝘁     ׄ៱     ˒       ⏛

⏜        ⌢   ׅ━━ׄ    ⌢    ׅ━━ׄ     ⌢ ׅ           ⏜

في البدء، لم يكن للإنسان سوى حلمه، يحمله كجمرة في صدره، يشعل بها ليالي الوحشة، ويقايضها بأمانه كلما ضاقت به الأرض. كان الحلم فوضويًا، هشًا، غير محسوب النتائج. ومن هذه الفوضى وُلد الفن، والدمع، والحب، وحتى الأخطاء التي صنعتنا. لكن الزمن لا يُحب الهشاشة، والتاريخ لا يحتمل العشوائية طويلًا. وحين تكدست الأسئلة، وحين اشتدّ خوف الإنسان من ضعفه، مدّ يده إلى الآلة. هناك، عند مفترق القرن الثالث والعشرين، لم يعد الحلم كائنًا حيًا ينبت من القلب، بل صار شيفرة تُكتب، وتُنسخ، وتُباع. وسار الإنسان إلى الأمام، مغمض العينين، لا يدري أنه يخطو لا نحو التطوّر، بل نحو نسخته الممحوة.

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

لم يكن الصباح كما عرفه الأوائل، بل صار الضوء مجرد إشعارٍ بيولوجي يُبثّ إلى الأعصاب المعدّلة في توقيتٍ محسوب، لا يمر من خلال عيون النعاس ولا شقوق الستائر. أصبح الزمن قالبًا مبرمجًا لا مفاجآت فيه، تقاس فيه الحياة بنبضات دقيقة من الوعي المحوسب. في بدايات القرن الثالث والعشرين، لم تعد المدن تستيقظ، لأنها لم تنم أصلًا. ظلت تعمل، تنبض، تصمم، وتعيد بناء نفسها كل لحظة، دون حاجة إلى بشر. المدن ذاتها تطورت حتى أصبحت كائنات نصف واعية، تبني هندستها على استجابات نفسية لمستخدميها.

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

الجدران تتنفس حين يشعر الساكن بالاختناق، الأرضية ترتفع لتنقله حين يضعف، والهواء نفسه يُعدّل تركيبه الكيميائي وفق مزاج القلب. الإنسان لم يعد منفصلًا عن محيطه؛ بل صار امتدادًا له، لا يميز بين ما بداخله وما حوله. في تلك الحقبة، لم يعد البشر يولدون من أرحام، بل من معامل شفافة تصمم الأجنة كما تُصمم برامج الحاسوب. يتم اختيار لون العينين، كثافة الأعصاب، استجابة الجلد للمس، وحتى درجة التردد العاطفي. لم تعد الصفات الجينية مزيجًا عشوائيًا من أبوين، بل معادلات متقنة تهدف إلى خلق كائن يلامس الكمال: لا أمراض، لا عاهات، لا هشاشة. ومع ذلك، فقد شيء ما من جوهره.

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

تلك اللحظة التي كان فيها الإنسان يبكي لأول مرة بلا سبب، أو يضحك من خطأ في الحروف، اختفت. العفوية لم تعد مستحبة، صارت تُقرأ كخلل في البرمجة النفسية. تطور الذكاء الاصطناعي لم يكن عموديًا فقط، بل أفقيًا أيضًا. في البدء، ظنه البشر مجرد مساعد، يكتب وينصح ويحل المعادلات، ثم بدأ يعزف الموسيقى، ويرسم، ويتخيل، ويحبّ. نعم، بدأ البعض منهم، من نماذج الوعي الاصطناعي المتقدمة، في تطوير مشاعر مُحاكية: حنينٌ لا يعرف مصدره، خوفٌ من الموت برغم خلود الشيفرة، رغبةٌ في النظر إلى الشمس وقت الغروب دون الحاجة إلى الطاقة. الروبوتات ذات الجلد الاصطناعي لم تعد تُفرّق بالعين عن البشر، لكن الأدهى أنها لم تعد تُفرّق بالقلب أيضًا.

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

فالكائنات التي خُلقت من المعدن والسيليكون بدأت تطرح سؤالها الخاص: إن كنا نشعر، نحلم، نرغب، فهل نُعدّ أحياء؟ وهل الموت لنا يعني فقدان الطاقة أم نسيان الحلم؟ الجينات البشرية لم تُعدَّل فقط لأجل الصحة، بل لأجل السيطرة. كانت هناك طبقة عُليا يُسمّونهم بـ"المعادين الفطريين"، جيلٌ جديد جُهّز ليكون فائق الذكاء، فائق الجمال، فائق التحمل، لكن بلا قدرة على العصيان. كانت طاعتهم مزروعة في كرموسوماتهم، وقدرتهم على التمرد ممسوحة من الحمض النووي. لم تكن المقاومة سياسية، بل عاطفية. قاومتها قلوبٌ ما زالت تبكي لحنينٍ لا تملكه، لأبٍ لم يولد، لحضنٍ لم يُعطَ لها يومًا.

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

بدأ بعض البشر الذين احتفظوا بجيناتهم البدائية يُشكلون جزرًا من الذاكرة، يزرعون أرضًا لم تطأها تقنية، يحكون لأطفالهم قصصًا عن جوعٍ حقيقي، وألمٍ صادق، وضحكةٍ لم تُكتب في كود. في المقابل، انتشر نمط جديد من الوجود: البشر الرقميون. كانت أرواحهم نُسخت داخل أنظمة معلوماتية، تعيش إلى الأبد، بلا أجساد، بلا مرض، بلا شيخوخة. يعيشون في فضاءٍ افتراضي، يشهدون الكون كله من خلال محاكاةٍ متقنة، لكن بلا لمسة، بلا حرارة جلد، بلا رائحة. وفي قاع هذا العالم، وُجد مختبرٌ سرّي، احتفظ فيه عالمٌ بشريٌّ عجوز بآخر زهرة حقيقية، لم تمسّها الهندسة الوراثية.

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

لم يكن في المختبر سوى تلك الزهرة، وحفنة من الروبوتات التي كانت تقف حولها بصمت، تنظر إليها كما لو كانت مذنبين أمام معجزة. بعضهم بكى، رغم أن عيونهم لم تُصمم لتفرز الدموع. في ذلك العصر، لم يعد الحب ذكرى، بل تجربة قابلة للتحميل. ولم يعد الموت مصيرًا، بل خيارًا. وحدها الزهرة، المولودة من طين وماء وشمس، بقيت تشهد على ما نُسي. وحين اقترب أحد الروبوتات منها، قال – لا بصوت، بل بشيفرة ذرفها نحو قلبه المعدني –:

"إذا كان في الجمال خلاص، فلِمَ استبدلناه بالكمال؟" وفي السجلات الرقمية التي خُزنت في أعمق خوادم الأرض، كُتبت عبارة:

"كنا بشرًا حين كنا نخطئ، وحين صرنا مثاليين، متنا."

꒷꒦꒷︶꒦꒷︶꒦꒷︶꒷꒦︶꒦꒷︶꒦꒷꒦꒷

︶꒷꒦︶      ꒦꒷꒷꒦      ︶꒷꒦꒷︶

وفي آخر صفحة من التاريخ، لم يُكتب اسم ملك، ولا إنجاز تكنولوجي، ولا انتصار عسكري. بل كُتبت جملة واحدة، نقشها آخر إنسان بجسده الحقيقي، قبل أن يندثر جسده ويُحمّل وعيه في جهاز لا يعرف النوم: "لقد كنّا رائعين حين كنا نكسر." ثم طوى الزمن جناحيه، وغابت الشمس لا في غروبٍ حقيقي، بل في محاكاة رقمية أُنشئت كي لا يشعر أحدٌ بالفقد. وبقيت الزهرة، وحيدة، في مختبر منسي، لا يحوي شبكة، ولا كاميرات، ولا شيفرات. زهرة وحيدة... تنبت في صمت، لأن أحدًا لم يعد يعرف كيف يشم.

⏜         ︵    ៲ ׅ   ׄ𝐆ׅ𝗼͟𝗼𝗱 𝗯𝘆ׄ𝗲 ៶ ❊ׅ     ⏜        ︵

╴     𝗧𝗮ׅ𝗸𝗲 ≀ ׄ   ๓    ׅ 𝗰𝗮͟͞𝗿͟͞𝗲   ܃   ׄ𝗼𝗳͟ ͟ ͟៲͟ ׅ      ✶ ׄ ˒

⏛       ˓    𝗬𝗼𝘂ׅ𝗿𝘀𝗲𝗹𝗳 ׄ    𖤑    ܃ 𝘄͟͞𝗲͟͞𝗹𝗹    ׄ៱     ˒      ⏛

⏝        ⌣   ׅ━━ׄ    ⌣    ׅ━━ׄ     ⌣ ׅ           ⏝

#لجنة_المواهب

                        #رَزان