لروحك اثر لا يزول

Contributor

Mily|ʷᶠ

┳╍╍━━━━ 𑂂 𝐖𝖾𝗅𝖼͟𝗈͟𝗆𝖾 𝐓𝗈 𝐌𝗂𝗇𝖾 ━━━ 𝐌𝗒 𝐒𝗐𝖾𝖾𝗍𝗒

┗ 𝐇𝗈ׄ𝗐 𝐀𝗋𝖾᳕ 𝐘𝗈͟𝗎 𝐓𝗈͟𝖽𝖺𝗒 ╲╱ ╱╲ ❲ :shell: ❳ ━ ┓

━━ 𝐇𝗈𝗉𝖾 𝐔'𝗋𝖾 𝐅ׅ𝗂𝗇ׄ𝖾 ᯽ 𑂂 𝐄𝗇𝗃𝗈𝗒 𝐋𝗂𝗌𝗍𝖾𝗇𝗂𝗇𝗀 ━━┅┛

┳━━━━━━━━━━━━━━━━━ :tulip: ┓

𖦹𝐑eader: 𝐌e

𖦹𝐓ext: 𝐜lick

𖦹𝐓ype: رِسَـالَة

𖦹𝐟or 𝐋istening: 𝐞njoy 𔘓

𖦹𝐓ime: 6:43

┗━ :tulip: ━━━━━━━━━━━━━━━━┅┛

‌‏⠀⠀ الـنَّص بِـعُنـْوَان ‧ ⿻: لِروحكِ أَثـرٌ لَا يـزُول

إلى روح الورد والياسمين الوردي

إلى من كانت نورًا في عتمتي، إلى من زرعت الدفء في أيامي، إلى من كانت أكثر من مجرد عابرٍ في حياتي،

حين يمضي العمر، نلتقي بالكثيرين، لكن قلةً منهم فقط يتركون أثرًا لا يُمحى، حضورًا لا يتلاشى، ونورًا يمتد في القلب مهما تغيرت الفصول. وأنتِ كنتِ من هؤلاء القلة، بل ربما كنتِ الأندر، الأصفى، والأصدق.

أكتب إليكِ الآن، لا لأستعيد الذكريات، بل لأخبركِ أنكِ كنتِ بدايةً لحياةٍ لم أكن أعلم أنني أحتاجها، ومصدرًا لنورٍ لم أتوقع أن يصلني

إليكِ، أنتِ التي لم تكنِ يومًا مجرد عابرٍ في سماء العمر، بل كنتِ فصلاً بأكمله، موسمًا حلّ على أرضٍ جرداء فأزهرت

اما بعد

ا تدركين كيف يضيء قنديل صغير غرفةً غارقةً في العتمة؟ هذا ما فعلتهِ بي، لكنّ نوركِ لم يكن مجرد ضوءٍ في زاويةٍ معتمة، بل كان انبلاجَ فجرٍ في ليلةٍ طويلة، بدايةً جديدة لشيء ظننتُ أنني فقدته إلى الأبد. حين حللتِ في عالمي، لم تأخذي بيدي نحو النور فقط، بل أريتِني كيف أصنعه، كيف أخلقه من أشياءٍ كنتُ أظنها لا تملك القدرة على الإشراق.

قبل أن تأتي، كنتُ أشبه بمدينةٍ سقطت عنها ألوانها، جدرانها شاهقة لكنها خاوية، تعبرها الريح فلا تجد ما يحجب صوت أنينها. كان كل شيء جامدًا، يفتقد للحياة حتى وإن تحرك، وكانت أيامي رتيبة، تسير دون أن تترك في داخلي أثرًا. لكنكِ حين ظهرتِ، لم تكوني مجرد عطرٍ مرّ في الأفق ثم تلاشى، بل كنتِ يدًا امتدت إلى ظلالي، فأعادت تشكيلها، صنعتِ من الرماد وردًا، ومن الفراغ سماءً، ومن صمتي أغنيةً طويلةً لا تزال تتردد في أذني.

معكِ، أدركتُ أن العالم ليس كما ظننته، أن هناك مساحاتٍ لم ألمسها بعد، أن الضوء يتسلل حتى من أضيق الثقوب، وأنه دائمًا هناك شيءٌ يستحق أن ننتظره، حتى وإن طال. كنتِ لي دليلًا دون أن تقصدي، نبضًا أعاد ترسيم إيقاع الحياة في داخلي، ومكانًا يشبه الوطن في زمنٍ صار فيه الانتماء ضربًا من الترف.

لا أعلم أي الأقدار قادتني إليكِ، ولا كيف تحوّل وجودكِ من مجرد ظلٍّ عابرٍ إلى جزءٍ لا ينفصل عني، لكنني أعلم أنني ممتنٌّ لكل ذلك. ممتنٌّ لكِ لأنكِ جئتِ حين لم أكن أعلم أنني بحاجةٍ إليكِ، لأنكِ كنتِ النور حين لم أعد أبحث عنه، ولأنكِ منحتِ لحروفي صوتًا حين كنتُ أعتقد أنني فقدتُ القدرة على الحديث.

ها هي حروفي، ترتجف بين يديّ كطائرٍ تبلّل جناحاه بالمطر، تحاول أن تصفكِ فلا تجد في اللغة متّسعًا يكفيكِ، ولا في المعاني ما يليق بحضوركِ. كيف لي أن أختصركِ في كلمات، وأنتِ التي كنتِ لي أكثر من مجرد اسمٍ أو ذكرى؟ كنتِ وعدًا بأن الحياة، رغم قسوتها، لا تزال تحتفظ بشيءٍ من الدفء لمن يعرف كيف يصغي.

أتعلمين؟ منذ أن جئتِ، لم يعد الصمت يشبه ذاته، صار أكثر امتلاءً، أقل وحشةً، كأنكِ غرستِ فيه ما يجعل السكون حكايةً لا تخلو من ضوء. نظراتكِ وحدها كانت كافيةً لتكشف لي الطرق التي ظننتها مغلقة، وكلماتكِ، مهما بدت عابرة، كانت تُعيد ترتيب الفوضى التي استوطنتني. كنتِ كالنهر الذي لا يسأل الأرض إن كانت عطشى، بل يمنحها ماءه بلا مقابل، كالشمس التي لا تنتظر إذنًا لتشرق، فقط تفعل، وتترك خلفها أثرًا لا يمّحي.

إنني أكتب لكِ الآن وكأنني أحاول القبض على لحظةٍ خشيْتُ أن تتلاشى، كأنني أوثّق صوتكِ في ذاكرتي، أخشى أن تبهت ملامحكِ مع الوقت، أو أن تفقد كلماتي بريقها حين أقرأها بعد زمن. لكنني واثقٌ من شيءٍ واحد، أنكِ كنتِ ولا زلتِ، الحكاية التي أعود إليها كلما احتجتُ إلى معنى، النغمة التي تتردد في داخلي حتى وإن خفتت كل الأصوات من حولي.

أعلم أن لا شيء يدوم كما هو، وأن الرياح تغيّر مساراتها، لكنني أرجو، بل أتمنى، أن يظلّ ظلكِ ممتدًا في عمري، أن تبقي كما كنتِ، فصلًا لا ينتهي، أغنيةً لا تُنسى، ويدًا تمتد نحوي حتى وإن أغلقتُ عيني عن كل شيء.أثركِ ممتدٌّ في داخلي كجذر شجرةٍ عتيقة، لا يهتزّ مهما عصفت به الريح. فابقي، حيث كنتِ دومًا، في القلب، في الذاكرة، وفي زوايا الروح التي لا يطالها النسيان.

وختامًا حيث تبقى حروف وحدها شاهدتا على ما سبق

قد لا تكفي الكلمات لتصف مكانتكِ في قلبي، لكنها تبقى الطريقة الوحيدة لأخبركِ أنكِ باقية، رغم كل ما قد تغيّره الأيام. فبعض الأشخاص لا يكونون مجرد عابرين، بل يصبحون جزءًا من أرواحنا، نقشًا لا تمحوه السنوات، وصدىً يستمر حتى بعد أن يخفت كل شيء من حولنا.

فابقي كما كنتِ دائمًا، نورًا لا ينطفئ، ويدًا تمتد في الذاكرة كلما احتجتُ أن أتذكر كيف يبدو الدفء الحقيقي.