تطايرت خصُلاتِ شعرها القصيرِ مع نسماتِ الهواءِ الباردِ وبدأت بمداعبةِ وجهها الصغيرِ بألطفِ ما يكون،كانت تْتَأملُ مشهدها المُفَضَلِ،لن تَمِلَ من هذا المشهدِ مهما يَحْصُلُ،فهي مُذُ نوعُمةِ أظَافِرها وهي تَجْلِسُ مع جَلِيسَتِها(مُرَبِيتها)ويَتْبَادْلانِ أطْرَافِ الحَدِيثِ ويُفَضْفِضَانِ لِبَعضِهِمَا البَعْضِ،كانت جَلِيسَتِها(أُمُ رامي)أحنُ إليها من أُمِها،وأقربُ إليها من أُخْتِها،وأوفى من صديقتها،كانت هي مَلاذُها الأولُ والأخِيرُ الذي تَلْجَاُ إليه،لم تُفَكِرة بأنَها سَتَفْتَرِق عنها،لم تُحَاول إدْخَالَ هَذِهِ الفِكَرَةِ الشَنِيعَةِ في مَنْبَعِ أفْكَارِها،وَلَكِنَّ الفُرَاقُ قَاسٍ جِدًا ؛حْيثُ أنّهُ يأتي بلا مَوعِدٍ ولايَسْتَذِنُ مِن منّ سيُفَرِقَهُم،وله عِدة وسِاِئل،وأسوءُها هو الموت،كانت (أُمُ رامي )لا تْشْتَكي من شيءٍ البَتْة ،إنَمْا كانت تُدِرك أن آجْلَها قْرِيب،إلى أن جَاءَ ذَلِكَ اليومَ،حِينَما حَانَ مَوعِدُ شَمَسُ الأصيلِ وكان وَقَتُ حَدِثهما قْد شَارْفَ على البِدء،حينها إعتلت صْيحاتُ كْبِيرْةِ الخَدَمِ(سَوَسْن)مُعْلِنَةً موتها،تَخْطَت أيامَ العَزَاءِ بِصُعُوبة ولكنها تَذَكَرْت كَلِماتِ(أُمُ رامي)لهـا :إسْمَعِني يا غَسَقْ ،لقْد كانت جْدَتُكِ -رحِمها الله- تُحِبُ الغُرُوبَ،وقَد سَمْتْكِ بِهَذَا الإسْمِ تَمَنِاً بأن تَأتي مُحِبةً للغروبِ مِثلها ،وقد وصتني بأن أخُذَكِ لِرؤيته وها أنْتِ ذا تُحِبِنهُ جُلَ حُبٍ،وها أنا قْد نْفَذْتُ وصيةَ جْدَتُكِ وباقي أن تُكْمِلي على هذا المنوال.
رَشَفْت آخِرَ رَشَفَةٍ من قَهَوتِها وهي تُمْعِنُ النَظَرَ إلى قُرْصِ الشَمَسِ وهو يَغُوصُ دأخِلَ المُحِيطِ مُعِلِننا نهايةَ يومٍ جَديدٍ.

Comments (4)
حلوو
أشكرك على لطفك