➦𝐇𝐞𝐥𝐥𝐨 𝐄𝐯𝐞𝐫𝐲𝐨𝐧𝐞 .
𝐰𝐞𝐥𝐜𝐨𝐦𝐞 𝐓𝐨 𝐌𝐲 𝐁𝐥𝐨𝐠 ⿻⃨۫
𝐡𝐨𝐰 𝐀𝐫𝐞 𝐘𝐨𝐮 𝐌𝐲 𝐀𝐧𝐠𝐞𝐥𝐬،،⌇
𝐢 𝐰𝐢𝐬𝐡 𝐁𝐞 𝐲𝐨𝐮 𝐫𝐞 𝐨𝐤 𝐀𝐧𝐝
𝐲𝐨𝐮 𝐯𝐞𝐫𝐲 𝐞𝐧𝐣𝐨𝐲𝐞𝐝،،
❈𝐥𝐞𝐭 𝐬 𝐆𝐨 ·

في عام 2019، كانت بغداد تغفو على أكتاف الخريف، تئنّ تحت وطأة الغيم، وكأن السماء تبكي عني. لم تكن المدينة قد تغيّرت، لكنّ قلبي كان خرابًا تجرّده الأيام من زينته، كما تسرق الريح أوراق الشجر في خريفٍ قاسٍ. اسمي إيريك، رجلٌ من الظلال، عاشقٌ لم يعرف من الحب إلا الخذلان، ومن الورد إلا شوكه. أحببتُ امرأة تُدعى هلِن، وكانت لي في القلب منزلةً ما بلغها مخلوق. كنتُ أراها وطنًا حين تغرب الدنيا، ومرفأ حين تشتدّ رياح العمر. عشقتها كما يُعشق المطر في صيفٍ جاف، كما تُعشق الحياة على حافة الفقد. كنتُ أكتبها في دفاتري، وأتنفّسها في لحظاتي، وأحرسها من الخوف والخذلان كأنها آخر ما تبقّى لي من الحياة. لم أطلب منها أن تحتويني، لم أتسوّل منها عشقًا، كنتُ فقط أتمنّى أن تبقى. كنتُ أنسج حولها أملًا دافئًا، وأرسم مستقبلًا بسيطًا يتّسع لضحكتها وفنجان قهوة وسقفٍ يجمعنا. لم أتوقّع يومًا أن تكون الأقدار بهذا الجفاء. لم يخطر ببالي أن تكون نهاية الحلم في يدِ رجلٍ لا يعرف شيئًا عن تفاصيلها، رجلٍ تملكه المال، فاشترى قلبها كما يُشترى الفستان من واجهة متجر

لم أستوعب الأمر حين سمعتُ خبر زواجها، كان قلبي ينكر، وعقلي يرفض التصديق. كانت الأيام التي تسبق النبأ تمضي ببطء، ونحن نُعدّ لحياتنا القادمة، نحكي عن الأطفال والبيت، عن النهر والشرفة، عن الهدوء الذي سنلتمسه سويًّا. ثم فجأة، تنكسر كل الأحلام على صخرة الواقع، حين قالت لي: "أنا خُطبت." لم أُدرِك الكلمات حينها، سمعتها وكأنها صفعة. سألتها: "لمن؟" قالت بهدوء بارد: "رجل أعمال، غني... سيوفّر لي حياة كريمة." عندها، سقط منّي كل شيء. حتى دموعي خانتني، لم تسعفني بالبكاء، فقد كانت الطعنة عميقة، في موضع لا تصل إليه دمعة. سألتها: "وهل كنتُ أنا حياة غير كريمة؟ هل الفقر وصمةٌ لا تُغتفر؟" فقالت: "أنت جميل الروح، لكن المال يصنع الأمان." عندها عرفت أنّ قلبي خُدع، وأنّ الوفاء عملةٌ لا تُصرف في أسواق الطمع. كنتُ أراها ملاذي، لكنّها رأتني محطة، تتركها حين يأتي قطار الثراء ، صرتُ بعدها رمادًا يمشي، شبحًا يتسكّع في شوارع الذكرى. كنتُ أعبر الأزقّة التي كنا نمرّ بها، أشمّ فيها عطرها، أراها تجلس على الكرسي الخشبي في المقهى القديم، وأسمع ضحكتها ترتدّ من جدران الذاكرة. كانت بغداد تبدو لي غريبة، كأنها تنكّرت لي، كأن الشوارع التي شهدت حبّنا قد أقسمت أن ترفضني بعدها. كل شيء فيها صار يؤلمني، حتى

الهواء صار ثقيلًا، مشبعًا بصدى اسمها. لم أعد أتناول الطعام، لم أعد أتكلّم، فقط أكتب، وأكتب، وأكتب. صارت الكتابة ملجئي، وصار قلمي مشرطًا أفتح به جرحًا كي أتطهّر من وجعي. كنتُ أكتب لها، رغم أنني أعلم أنّ رسائلي لن تصل. أقول لها: "ما قلت لكِ احتويني، ولا طلبتُ أن تكوني لي وحدي، لكنّي تمنّيتكِ امرأة لا تُباع. تمنّيتُ أن يكون القلب أغلى من المال، وأن تشتريكِ كلماتي، لا أمواله كنتُ أتمزّق وأنا أسمع عن حفلة زفافها في قاعة فاخرة، تزيّنت بكل ما هو باهظ، ولم يكن فيها مكان لذكرى رجلٍ بائسٍ عشقها بصدق. لم أتسلّل إلى الحفل، لم أبعث وردًا، فقط أغلقتُ هاتفي، وأغلقتُ باب غرفتي، وجلستُ أعدّ خيباتي كأنها عمرٌ يُحصى. وفي ليلة من الليالي، اتصلت. نعم، اتصلت بعد أشهر من زواجها. رأيتُ رقمها يظهر على الشاشة، كأنّ الماضي قد بعثه لي ليزيدني كمدًا. تردّدتُ، ثم أجبت. كان صوتها متردّدًا، وفيه شيء من الانكسار. قالت: "إيريك، هل نسيتني؟" فقلت: "وهل يُنسى من طعن القلب؟" قالت: "لم أجد في قصره الدفء، ولا في ماله الحنان." فأجبتها: "الدفء لا يُشترى، والحنان لا يُباع، لقد اخترتِ الذهب، فاتركيني للتراب."

قالت: "كنتُ أبحث عن الأمان، فوجدتُ الوحدة." قلت: "كنتُ الأمان، فاستبدلتِه بجدران صامتة وابتسامات مصطنعة." حاولت أن تعتذر، أن تُبرّر، لكني كنتُ قد متّ من جهتها، صرتُ حيًّا بلا ذاكرة، بلا رغبة، بلا انتظار. قلت لها: "أنا ما راح أرجع أكون إليكْ، أنا كنتُ الغالي اللي بعتيه بالرخيص، كنتِ تملكين قلبًا ما يشبههم، ضيّعتيه بإيدك، فلا تعودي، لأن لا شيءَ سيعيد ما مات أغلقتُ الهاتف، وانهرتُ بعدها كطفلٍ تيتمَ بعد موت أمه. ليس لأنني أحبّها بعد، بل لأنني كرهتُ نفسي التي ظلّت تتمنّى عودتها، رغم كل خذلان. كانت بغداد تمطر يومها، وكنتُ أمشي تحت المطر كأنني أبحث عن تطهير، عن مغفرة، عن بداية جديدة. لكنّ المدينة ظلّت تذكرني بها، بكل زاوية، بكل حديقة، بكل حرفٍ من اسمها منقوش على جدران ذاكرتي. صرتُ أكتب عنها لا لأستعيدها، بل لأدفنها بين السطور. كل سطرٍ قبر، كل كلمة مأتم، كل نقطة نحيب ، كنتُ أتحدّث مع نفسي في ليالٍ طويلة: "كيف لامرأةٍ عشقتها أن تبيعني بهذه السهولة؟ كيف لمن أمسكتُ يدها حين كانت تائهة، أن تتركني حين كنتُ أنا الغريق؟" لم أجد جوابًا، ولم أعد أبحث. كل ما أعرفه أنّني اليوم رجلٌ تجرّع مرارة الفقد، وما زال قلبه يهتف باسمها في صمت. رجلٌ ما زال يشتاق، رغم الخذلان، ما زال يكتبها على جدران الذاكرة، ويُحدّث طيفها حين يغفو العالم. كل امرأةٍ تمرّ، أراها ظلًّا باهتًا من ملامحها، وكل صوتٍ ناعمٍ أسمعه، أبحث فيه عن نبرتها. لا أحد يشبهها، ولا أحد يملأ فراغها. كانت وهلِن، وما زالت، الحكاية التي لم تُغلق، الصفحة التي ظلّت مفتوحة رغم انقضاء الفصول.

لم أنسَها، ولن أفعل، وكيف يُنسى من علّمني الحنين؟ كيف يُنسى من كان كل الأشياء؟ أنا لا أكرهها، بل أكره ضعفي أمامها، أكره قلبي الذي لم يتعلّم الهروب، ولم يُجِد الهجران. كل ليلة أراها في الحلم، تقترب، تهمس، تبتعد، وتتركني أرتجف بين أطلال وهمٍ جميل. لم يكن حبي لها نزوة، بل دينٌ عالق في روحي، وأمنية يتيمة لن تتحقّق أنا الآن لا أعيش، بل أتنفّسها غيابًا، أرتّق بها فجوات الوحدة، وأخاط بها صدري الممزّق. كتبتها ألف مرة، ومزّقت الأوراق، ثم كتبتها من جديد. كانت ولا تزال، نبضًا لا يموت، وجرحًا لا يندمل.

➦𝑻𝒉𝒆 𝑬𝒏𝒅.
𝒕𝒉𝒆𝒔𝒆 i𝒔 𝑩𝒍𝒐𝒈 ⿻⃨۫ #لجنة_الكتابة
𝑻𝒉𝒂𝒏𝒌 𝒚𝒐𝒖 𝑭𝒐𝒓 𝒓𝒆𝒂𝒅𝒊𝒏𝒈،،⌇
𝑴𝒚 𝐰𝒐𝒓𝒌 𝒂𝒏𝒅 𝑺𝒆𝒆 𝒚𝒐𝒖 𝑰𝒏
،،𝑻𝒉𝒆 𝐰𝒐𝒓𝒌 𝒔 𝑺𝒐 𝑴𝒐𝒓𝒆
❈ 𝑩𝒂𝒚 𝑩𝒂𝒚 ·

Comments (1)
واوو ابدعت مجدددا :tulip: الحروف انيقة مثل كاتبها