لمُستقرّ سُكناي..

⊹ ⑅⃝🕊 ⁺𝑊𝑒𝑙𝑐𝑜𝑚𝑒 𝑡𝑜 𝑚𝑦 𝑏𝑙𝑜𝑔◍ཻꢀ᮪⸱ᨗᨗᨗ

▒⃝ 🧷𝐼𝑓 𝑦𝑜𝑢 𝑤𝑎𝑛𝑡 𝑡𝑜 𝑟𝑒𝑐𝑜𝑔𝑛𝑖𝑧𝑒 𝑢𝑠 𝑐𝑙𝑖𝑐𝑘 𝒉𝑒𝑟𝑒 ꜥꜤ

                        ₊ ꦿ 𝐻𝑎𝑣𝑒 𝑎 𝑛𝑖𝑐𝑒 𝑑𝑎𝑦ˑ :page_with_curl: ⁺៹

͝ ⏝ ͝ 𖠄°

#Ghaida

السلامُ على تلك الديار، التي احتضنتني حين تاهت روحي في متاهاتِ الألم، وانحنتِ الأيامُ على صدري كالسياط، فلم أجد حضنًا يربت على خوفي سوى أرضٍ، تشبه في حنانها صدرَ أمٍّ عجوزٍ تُخبئ العالم في راحتيها. سلامٌ عليكِ، يا منسوجةً من دفءِ التاريخ، ومطرَّزةً بخيوط الفخر، يا من تنبعثُ من ترابكِ رائحةٌ تُشبه الطفولة، وتُشبه النسيان، وتُشبه اليقين في زمنٍ يتقلّبُ على الوجدان.

أما بعد..

إلى موطنٍ، كنتُ أظنُّ أنّ البُعد عنه خلاص، وأنّ الهروب منه نجاة، فإذا به ملجأً لا يُشبهه ملاذ، ومسكنًا لا يغادرني وإن غادرته. إلى تلك الأرض التي ظننتُ في صِباي أنني سأرحل عنها في أول مركبٍ، فإذا بي الآن لا أهوى سواها، ولا أشتهي أمانًا غير ظلّها، ولا أنتمي سوى لها.جبالكِ يا أرضي، لا تنبت حجارةً فقط، بل تنبت قصصًا تروى في المجالس، وتُحفظ في صدور الرواة. شهدتْ على عناق العاشقين، ومقارعة الشجعان، وانسكب على أطرافها كرمُ الأجداد، وحكاياتُ الطائيّين الذين سقوا الضيوف ماء الكبرياء، وكسوا الدروبَ برداء المجد.

ترابكِ، الذي يخالطه وهجُ الشمس، لا يشبه سوى مخيلة شاعرٍ جائعٍ إلى وطنٍ لم يغادره. جوُّكِ… ذلك المزيج العجيب من دفءِ الشمس ورجفةِ النسيم، ليس مناخًا عاديًا، بل مزاجًا كونيًّا، يُداعب الروح ويوقظ فيها شعورًا بالأمان القديم.يا أرضي، يا مدينةَ الطهر والحنين، من أنتِ؟ أأنتِ مكانٌ على الخريطة؟ أم ذاكرةٌ تسكن دمي؟ أم سيرةٌ تختبئ في دفتري، تنبتُ في كل هامشٍ نكتبُه عن الوطن؟! كنتِ حضني حين ضاقت بي الأحضان، وذراعيكِ المفتوحتان لم تُغلقا في وجهي يومًا. ما زلتُ أذكر زهوَ الطفولة حين كنا نتسابق في التباهي بكِ أمام الزميلات، نغني اسمكِ بفخر، وكأننا نغني للأبدية.

آهٍ يا أرضي، آهٍ كم أحبكِ! بل كم أراكِ، أراكِ حين لا أرى شيئًا سواكِ، أراكِ في ملامح المطر، وفي أصوات الطيور، وفي سكون الليل حين يتهامس قلبي باسمكِ خفية. وإن كنتِ فاكهةً، لحفظتُكِ في قوارير الزمان، وإن كنتِ امرأة، لكنتِ رفيقة دربي، وإن كنتِ رجلًا، لخشيتُ عليك من أن تذبل كما يذبل الأبُ حين يفقد أبناءه.أفاخرُ بكِ بين العواصم، وأهتف باسمكِ بين الأمصار، فمن يملك ترابًا كترابكِ؟ ومن يحملُ بين يديه تاريخًا مثل الذي في حجارتكِ؟ ومن يسكن وطنًا… يكون الوطن فيه هو الذي يسكنه؟

وفي الختام، يا محبوبتي التي لم تملّي حبي، إنني أكتبكِ لا على ورقٍ، بل على شرايين القلب، وأُنشئ لكِ مقامًا في أعماقي، لا يُشارككِ فيه أحد. إنكِ المعنى الذي يحيا فيّ حين تبهت كل المعاني، وإنكِ الجذر الذي يعيدني إلى ذاتي كلّما حاول العالم أن ينسيني من أكون. فلا تسألي كم أحبكِ، بل اسألي كم بقي مني دونكِ.لكِ الحب، والولاء، والحنين… ما بقي الحرفُ نبضًا، والصوتُ وطنًا